الشفاعــــــــــة
صفحة 1 من اصل 1
الشفاعــــــــــة
الشفاعة
تعرف الشفاعة على نطاق واسع بالواسطة، وتسمى احياناً المحسوبية، وأياً كان الاسم فإن النتيجة واحدة، وهناك نوعان من الواسطة واسطة محمودة وواسطة مذمومة.
فالواسطة المحمودة أن تساعد شخصاً ما للحصول على حق يستحقه أو اعفائه من شرط لا يجب عليه الوفاء به أو تساعده في الحصول على حق لا يلحق الضرر بالآخرين, أما الواسطة المذمومة فهي ان تقوم بهذا الدور لحصوله على حق لا يستحقه أو اعفائه من حق يجب عليه دفعه مما يلحق الضرر بالآخرين، وقد اشار إليها القرآن الكريم حيث قال عز من قائل: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها , سورة النساء الآية 85.
وتعتبر الواسطة المذمومة أحد مظاهر الفساد الاداري، وقد انتشرت في الوقت الحاضر انتشاراً واسعاً كانتشار النار في الهشيم في عموم المؤسسات العربية حتى انها اصبحت تعرف باسمها العربي كأحد مصطلحاتها في المراجع الأجنبية Wasta والواسطة المذمومة كالمرض تنتشر بالبيئات التنظيمية غير الصحية، لذا فإن عجز المؤسسات عن تقديم الخدمات المناطة بها قد دفع المواطنين الى البحث عن واسطة لتسهيل الحصول على بعض الخدمات، كما أن بعض المواطنين قد استمرأ الحصول على خدمات هو في الواقع لا يستحقها، ولا شك ان تكاسل بعض الموظفين من رؤساء ومرؤوسين واهمالهم وتقصيرهم في أداء المهام الوظيفية الموكلة لهم قد ساعد في انتشار هذه الظاهرة إلى حد بعيد, وقد عد النظام السعودي الواسطة المذمومة احد المخالفات الادارية التي يعاقب عليها النظام بالسجن أو الغرامة أو كليهما معا، بل انه عدها في حكم الرشوة لما لها من أثر سلبي بالغ على الوظيفة العامة والمواطنين على حد سواء.
ولا يخالجني ادنى شك بأن اغلب المواطنين يتذمرون من الواسطة وانهم يلجؤون اليها لأنهم أجبروا على ركوبها، ومهما يكن الأمر فالمفروض ان تحصل على حقك بدون واسطة من أحد وألا تحصل على حق غيرك بواسطة من أحد، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو الحل لهذه المشكلة؟ أو بمعنى آخر هل نحن مستعدون للقضاء عليها؟ أعتقد انه جاء الوقت لمحاسبة النفس والاعتراف بهذه المشكلة كواحدة من معوقات التنمية الادارية والاقتصادية والاجتماعية.
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
لكل "واسطة" نصيب
عند تقديمي لإحدى الشركات "الكبرى" للتوظيف، وأثناء المقابلة الشخصية التي يجرونها للمتقدمين ذهبت في الموعد المحدد لي بنصف ساعة تقريبا، وبينما انتظر المقابلة الشخصية مع زملائي المتقدمين "للوظيفة"، جرى بيني وبين شخص حوار يطول شرحه وكتابته ولكن سوف اختصر بعضه ، فقال لي: منذ متى وانت متقدم على هذه الوظيفة قلت له: منذ سنتين، قال لي: سنتين ولم يحالفك الحظ في هذه الوظيفة، قلت له: نعم وسألته: وأنت قال : قبل يومين فسألني: ماذا تحمل مع الشهادة الدراسية قلت له: عندي "....." وعندي "...." وعندي "....." قال لي: كل هذه الشهادات تحصل عليها ولم تجد وظيفة. قلت له: لا لم أحصل على الوظيفة المناسبة وغير المناسبة، فسألته، وأنت قال لي: عندي كفاءة "المتوسطة" قلت له وبكل حيرة وتريد ان تتوظف بهذه الشهادة المتواضعة في زحمة الشباب من الذين عندهم الشهادة الجامعية والثانوية، والدبلوم الهندسية والتخصصية، قال لي: بكل ثقة المقبولين في هذه الوظيفة "نعم" قلت له ماذا يجعلك تتكلم وكأنك من المقبولين في هذه الوظيفة فقال لي: بكل استهزاء هل توجد معك واسطة، فقلت له: لا توجد معي واسطة بل واسطتي الله "سبحانه وتعالى" ثم الشهادات التي ذكرتها لك وهي التي سوف تشفع لي عندهم وقلت له أيضا "ولكل مجتهد نصيب".
فرد علي بسرعة: "لكل واسطة نصيب" فقلت له: كيف هذا؟ قال لي انتظر وسوف ترى.. قلت له ماذا سوف أرى وماذا سوف تفعل؟ قال: انتظر وسوف ترى بعينك.. وبعد خمس دقائق مكالمة أجراها تبين حضوره، جاء واحد من القائمين على الاشراف في المقابلة الشخصية واستدعاه باسمه، وقال لي هل عرفت الآن!!!؟... وقلت له "وأنا في قمة اليأس والحسرة والكآبة على ما حدث في هذا الزمان وكيف انعكست الأمور إلى هذه الدرجة الأليمة".. صدقت !!! فقلت في نفسي "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، "الواسطة" أو "الهادمة"
الواسطة
لقد كتب الكتاب وتكلم المتكلمون وناظر المنظرون حول الواسطة, اختلفت الآراء وتباينت وتضاربت وجهات النظر عن هذه الظاهرة أو الداء كما قد يطلق عليها بعض المتشددين, ولتعريف الواسطة نقول هي طلب العون والمساعدة في إنجاز شيء يقوم به إنسان ذو نفوذ لدى من بيده قرار العون والمساعدة على تحقيق المطلوب لإنسان لا يستطيع أن يحقق مطلوبه بجهوده الذاتية, وفي الحقيقة لا بد لمن يتصدى لمعالجة موضوع كهذا يحمل أكثر من معنى وأكثر من تفسير أن يحدد بالضبط ماذا يعني له أولا كي يستطيع ان يضع وجهة نظره للآخرين, وقد بينت في جملة سابقة تفسيري للواسطة ولكنني أدرك ان مفهوم الكلمة يحمل من الدلالات والمعاني والتداعيات أكثر من تعريف واحد محدد, وفي رأيي انه من السهولة بمكان أن دلالاتها المرفوضة تتعدى الى ان تصيب أهدافها الطيبة برذاذها, حقا لقد اكتسبت كلمة الواسطة سمعة سيئة بسبب سوء استخدامها, وسمعتها السيئة أتت من مفهوم قد يكون مبالغا فيه وهو ان من يسعون لطلب العون من الآخرين على تحقيق هدف أو أداء خدمة هم على سبيل الإطلاق لا يستحقون العون والمساعدة وأنهم يحصلون على شيء غيرهم أحق به منهم, فإذا كانت الحالة هكذا فلا شك تصبح الواسطة عملا سيئا وعلى المجتمع الواعي أن يرفضه ويحاربه, ولا شك أيضا ان من يسعى للحصول على كسب او منصب او ميزات معينة لإنسان لا يستحقها إنما يقترف ذنباً لأنه بهذا يحرم منها من هو أحق بها, من ناحية أخرى تصبح الواسطة واجباً اجتماعياً إنسانياً وعملاً فاضلاً إذا استخدمت في طرقها الشرعية, وما هي هذه الطرق الشرعية؟ هي مساعدة كل محتاج للوصول الى هدف مشروع من حقه ان يحصل عليه لكنه لا يملك الوسائل التي توصله إليه, قد يعترض معترض على هذا التعريف من منطلق ان مساعدة من هذا النوع لا تدخل في نطاق الواسطة بل هي مجرد مساعدة لمن هو محتاج اليها ولا يستطيع الحصول عليها, وردي انها تدخل قطعا ضمن المعاني الكثيرة للواسطة وهي بهذا تدخل ضمن الجائز منها.
كيف تستطيع مثلا ان ترد إنسانا يستنجد بك لإدخال عزيز عليه مريض الى أحد المستشفيات المتخصصة؟
وكيف ترفض طلبا لامراة سعودية اختفى زوجها الأجنبي وتركها مع أولادها منه وقد اعياها السعي للحصول على الأوراق والوثائق اللازمة لإدخال ابنائها الى المدارس وغيرها مما تتطلبه هموم المعيشة؟ بل كيف ترد امرأة سعودية هجرها زوجها السعودي وتخلى عن ابنائه وتركهم يخوضون معترك الحياة دون سند لهم والأم وابناؤها يحتاجون الى الف نوع ونوع من متطلبات الحياة التي لا يعرفون ولا يستطيعون دون مساعدة خارجية من تحقيقها؟ ثم كيف يستطيع أن يصم أذنيه ويتجاهل عشرات بل ومئات الطلبات من شبان وشابات يسعون ويسعين الى إيجاد فرصة عمل بعد ان أنهوا دراساتهم الجامعية وفرحوا وفرح أهلوهم بالشهادة التي تعبوا للحصول عليها؟ أليس جائزاً ومشروعاً أن يتوسط من يستطيع الواسطة لهؤلاء الشباب للحصول على عمل؟ أعرف شباباً مضى على تخرجهم من الجامعات والكليات سنين ولم يجدوا أعمالاً بعد, وكم يؤلمني ان اسمع شكاواهم وذويهم ولا قدرة لي على مساعدتهم, يمكننا ان نعدد حالات كثيرة مثل هذه والكل يعرفها وأكثر ما يعرفها هم الأناس الطيبون أصحاب القلوب الرحيمة الذين يطيرون فرحا وسعادة عندما يساعدون الناس على قضاء حاجاتهم, هناك فئة من الناس جعل الله في أفئدتهم كماً كبيراً من الرحمة والشفقة بحيث لا تراهم في أوج سعادتهم ولا تراهم تملأ الابتسامة وجوههم إلا عندما يقضون للناس المحتاجين حاجاتهم على أي شكل كانت, قال صلى الله عليه وسلم وسلم: من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة يوم القيامة, أو ما جاء في الحديث .
ولا أريد هنا كما ذكرت آنفاً أن أخلط بين المساعدة المشروعة والواسطة فالمساعدة قد تكون من الإنسان ذاته الى صاحب حاجة ولكن الواسطة كما نعرف كلنا هي ان تسعى لدى الآخر لمساعدة صاحب حاجة وطبعا كلها في النهاية تسعى الى نفس الهدف, وكما ان من يساعد الغير للحصول على شيء لا يستحقونه يأثم فإنه من الناحية الأخرى من يساعد إنساناً في الحصول على ما يحتاجه أو ما هو حق طبيعي له يثاب, فالشخص الذي يملك القرار والذي بيده مفتاح الحل لمشكلة ما أو المساعدة في أمر ما هذا الشخص لا يمكن ان يطلع على جميع مشاكل الناس ولا يمكن معرفة ما قد يعاني منه البعض تحت ظروف خاصة معينة ولا ما قد يطرأ على حياة الأفراد من ظروف تقلب حياتهم فجأة رأساً على عقب, ولا نتوقع من المسؤول مثلا مهما كبر مركزه وقويت سلطته لا نتوقع منه أن يكون مطلعاً على كل شيء أو أن يعرف كل شيء لأن هذا فوق طاقة القدرة البشرية, ولهذا فإن إيصال هموم الناس ومشاكلهم الى من بيده التخفيف من آلامهم هو من الأعمال المطلوبة والتي يؤجر فاعلها كما يؤجر الذي يحل للناس مشاكلهم ويساعدهم على التعامل مع ظروف حياتهم, ولمثل هذا نسمع في نهايات خطب الجمع من أئمة المساجد الفضلاء بعد أن يدعون بالتوفيق والسداد للحاكم أن يرزقه الله بالبطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه, ولا أتمنى أكثر من أن يقرأ مقالتي هذه بعض ذوي السلطة والنفوذ الذين أودع الله في أعماق قلوبهم الرحمة وحب الخير والإسراع الى مساعدة المحتاجين أتمنى أن يقرأ هؤلاء مقالتي هذه حتى إذا أتيتهم متوسطاً في حاجة لمحتاج وجدت لديهم القبول والترحاب, وعندها سوف أدعو لهم أنا ومن توسطت لهم بالخير والسعادة في الدنيا وجنات النعيم في الآخرة.
تعرف الشفاعة على نطاق واسع بالواسطة، وتسمى احياناً المحسوبية، وأياً كان الاسم فإن النتيجة واحدة، وهناك نوعان من الواسطة واسطة محمودة وواسطة مذمومة.
فالواسطة المحمودة أن تساعد شخصاً ما للحصول على حق يستحقه أو اعفائه من شرط لا يجب عليه الوفاء به أو تساعده في الحصول على حق لا يلحق الضرر بالآخرين, أما الواسطة المذمومة فهي ان تقوم بهذا الدور لحصوله على حق لا يستحقه أو اعفائه من حق يجب عليه دفعه مما يلحق الضرر بالآخرين، وقد اشار إليها القرآن الكريم حيث قال عز من قائل: من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها , سورة النساء الآية 85.
وتعتبر الواسطة المذمومة أحد مظاهر الفساد الاداري، وقد انتشرت في الوقت الحاضر انتشاراً واسعاً كانتشار النار في الهشيم في عموم المؤسسات العربية حتى انها اصبحت تعرف باسمها العربي كأحد مصطلحاتها في المراجع الأجنبية Wasta والواسطة المذمومة كالمرض تنتشر بالبيئات التنظيمية غير الصحية، لذا فإن عجز المؤسسات عن تقديم الخدمات المناطة بها قد دفع المواطنين الى البحث عن واسطة لتسهيل الحصول على بعض الخدمات، كما أن بعض المواطنين قد استمرأ الحصول على خدمات هو في الواقع لا يستحقها، ولا شك ان تكاسل بعض الموظفين من رؤساء ومرؤوسين واهمالهم وتقصيرهم في أداء المهام الوظيفية الموكلة لهم قد ساعد في انتشار هذه الظاهرة إلى حد بعيد, وقد عد النظام السعودي الواسطة المذمومة احد المخالفات الادارية التي يعاقب عليها النظام بالسجن أو الغرامة أو كليهما معا، بل انه عدها في حكم الرشوة لما لها من أثر سلبي بالغ على الوظيفة العامة والمواطنين على حد سواء.
ولا يخالجني ادنى شك بأن اغلب المواطنين يتذمرون من الواسطة وانهم يلجؤون اليها لأنهم أجبروا على ركوبها، ومهما يكن الأمر فالمفروض ان تحصل على حقك بدون واسطة من أحد وألا تحصل على حق غيرك بواسطة من أحد، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو الحل لهذه المشكلة؟ أو بمعنى آخر هل نحن مستعدون للقضاء عليها؟ أعتقد انه جاء الوقت لمحاسبة النفس والاعتراف بهذه المشكلة كواحدة من معوقات التنمية الادارية والاقتصادية والاجتماعية.
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
لكل "واسطة" نصيب
عند تقديمي لإحدى الشركات "الكبرى" للتوظيف، وأثناء المقابلة الشخصية التي يجرونها للمتقدمين ذهبت في الموعد المحدد لي بنصف ساعة تقريبا، وبينما انتظر المقابلة الشخصية مع زملائي المتقدمين "للوظيفة"، جرى بيني وبين شخص حوار يطول شرحه وكتابته ولكن سوف اختصر بعضه ، فقال لي: منذ متى وانت متقدم على هذه الوظيفة قلت له: منذ سنتين، قال لي: سنتين ولم يحالفك الحظ في هذه الوظيفة، قلت له: نعم وسألته: وأنت قال : قبل يومين فسألني: ماذا تحمل مع الشهادة الدراسية قلت له: عندي "....." وعندي "...." وعندي "....." قال لي: كل هذه الشهادات تحصل عليها ولم تجد وظيفة. قلت له: لا لم أحصل على الوظيفة المناسبة وغير المناسبة، فسألته، وأنت قال لي: عندي كفاءة "المتوسطة" قلت له وبكل حيرة وتريد ان تتوظف بهذه الشهادة المتواضعة في زحمة الشباب من الذين عندهم الشهادة الجامعية والثانوية، والدبلوم الهندسية والتخصصية، قال لي: بكل ثقة المقبولين في هذه الوظيفة "نعم" قلت له ماذا يجعلك تتكلم وكأنك من المقبولين في هذه الوظيفة فقال لي: بكل استهزاء هل توجد معك واسطة، فقلت له: لا توجد معي واسطة بل واسطتي الله "سبحانه وتعالى" ثم الشهادات التي ذكرتها لك وهي التي سوف تشفع لي عندهم وقلت له أيضا "ولكل مجتهد نصيب".
فرد علي بسرعة: "لكل واسطة نصيب" فقلت له: كيف هذا؟ قال لي انتظر وسوف ترى.. قلت له ماذا سوف أرى وماذا سوف تفعل؟ قال: انتظر وسوف ترى بعينك.. وبعد خمس دقائق مكالمة أجراها تبين حضوره، جاء واحد من القائمين على الاشراف في المقابلة الشخصية واستدعاه باسمه، وقال لي هل عرفت الآن!!!؟... وقلت له "وأنا في قمة اليأس والحسرة والكآبة على ما حدث في هذا الزمان وكيف انعكست الأمور إلى هذه الدرجة الأليمة".. صدقت !!! فقلت في نفسي "إذا لم تستح فاصنع ما شئت"، "الواسطة" أو "الهادمة"
الواسطة
لقد كتب الكتاب وتكلم المتكلمون وناظر المنظرون حول الواسطة, اختلفت الآراء وتباينت وتضاربت وجهات النظر عن هذه الظاهرة أو الداء كما قد يطلق عليها بعض المتشددين, ولتعريف الواسطة نقول هي طلب العون والمساعدة في إنجاز شيء يقوم به إنسان ذو نفوذ لدى من بيده قرار العون والمساعدة على تحقيق المطلوب لإنسان لا يستطيع أن يحقق مطلوبه بجهوده الذاتية, وفي الحقيقة لا بد لمن يتصدى لمعالجة موضوع كهذا يحمل أكثر من معنى وأكثر من تفسير أن يحدد بالضبط ماذا يعني له أولا كي يستطيع ان يضع وجهة نظره للآخرين, وقد بينت في جملة سابقة تفسيري للواسطة ولكنني أدرك ان مفهوم الكلمة يحمل من الدلالات والمعاني والتداعيات أكثر من تعريف واحد محدد, وفي رأيي انه من السهولة بمكان أن دلالاتها المرفوضة تتعدى الى ان تصيب أهدافها الطيبة برذاذها, حقا لقد اكتسبت كلمة الواسطة سمعة سيئة بسبب سوء استخدامها, وسمعتها السيئة أتت من مفهوم قد يكون مبالغا فيه وهو ان من يسعون لطلب العون من الآخرين على تحقيق هدف أو أداء خدمة هم على سبيل الإطلاق لا يستحقون العون والمساعدة وأنهم يحصلون على شيء غيرهم أحق به منهم, فإذا كانت الحالة هكذا فلا شك تصبح الواسطة عملا سيئا وعلى المجتمع الواعي أن يرفضه ويحاربه, ولا شك أيضا ان من يسعى للحصول على كسب او منصب او ميزات معينة لإنسان لا يستحقها إنما يقترف ذنباً لأنه بهذا يحرم منها من هو أحق بها, من ناحية أخرى تصبح الواسطة واجباً اجتماعياً إنسانياً وعملاً فاضلاً إذا استخدمت في طرقها الشرعية, وما هي هذه الطرق الشرعية؟ هي مساعدة كل محتاج للوصول الى هدف مشروع من حقه ان يحصل عليه لكنه لا يملك الوسائل التي توصله إليه, قد يعترض معترض على هذا التعريف من منطلق ان مساعدة من هذا النوع لا تدخل في نطاق الواسطة بل هي مجرد مساعدة لمن هو محتاج اليها ولا يستطيع الحصول عليها, وردي انها تدخل قطعا ضمن المعاني الكثيرة للواسطة وهي بهذا تدخل ضمن الجائز منها.
كيف تستطيع مثلا ان ترد إنسانا يستنجد بك لإدخال عزيز عليه مريض الى أحد المستشفيات المتخصصة؟
وكيف ترفض طلبا لامراة سعودية اختفى زوجها الأجنبي وتركها مع أولادها منه وقد اعياها السعي للحصول على الأوراق والوثائق اللازمة لإدخال ابنائها الى المدارس وغيرها مما تتطلبه هموم المعيشة؟ بل كيف ترد امرأة سعودية هجرها زوجها السعودي وتخلى عن ابنائه وتركهم يخوضون معترك الحياة دون سند لهم والأم وابناؤها يحتاجون الى الف نوع ونوع من متطلبات الحياة التي لا يعرفون ولا يستطيعون دون مساعدة خارجية من تحقيقها؟ ثم كيف يستطيع أن يصم أذنيه ويتجاهل عشرات بل ومئات الطلبات من شبان وشابات يسعون ويسعين الى إيجاد فرصة عمل بعد ان أنهوا دراساتهم الجامعية وفرحوا وفرح أهلوهم بالشهادة التي تعبوا للحصول عليها؟ أليس جائزاً ومشروعاً أن يتوسط من يستطيع الواسطة لهؤلاء الشباب للحصول على عمل؟ أعرف شباباً مضى على تخرجهم من الجامعات والكليات سنين ولم يجدوا أعمالاً بعد, وكم يؤلمني ان اسمع شكاواهم وذويهم ولا قدرة لي على مساعدتهم, يمكننا ان نعدد حالات كثيرة مثل هذه والكل يعرفها وأكثر ما يعرفها هم الأناس الطيبون أصحاب القلوب الرحيمة الذين يطيرون فرحا وسعادة عندما يساعدون الناس على قضاء حاجاتهم, هناك فئة من الناس جعل الله في أفئدتهم كماً كبيراً من الرحمة والشفقة بحيث لا تراهم في أوج سعادتهم ولا تراهم تملأ الابتسامة وجوههم إلا عندما يقضون للناس المحتاجين حاجاتهم على أي شكل كانت, قال صلى الله عليه وسلم وسلم: من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة يوم القيامة, أو ما جاء في الحديث .
ولا أريد هنا كما ذكرت آنفاً أن أخلط بين المساعدة المشروعة والواسطة فالمساعدة قد تكون من الإنسان ذاته الى صاحب حاجة ولكن الواسطة كما نعرف كلنا هي ان تسعى لدى الآخر لمساعدة صاحب حاجة وطبعا كلها في النهاية تسعى الى نفس الهدف, وكما ان من يساعد الغير للحصول على شيء لا يستحقونه يأثم فإنه من الناحية الأخرى من يساعد إنساناً في الحصول على ما يحتاجه أو ما هو حق طبيعي له يثاب, فالشخص الذي يملك القرار والذي بيده مفتاح الحل لمشكلة ما أو المساعدة في أمر ما هذا الشخص لا يمكن ان يطلع على جميع مشاكل الناس ولا يمكن معرفة ما قد يعاني منه البعض تحت ظروف خاصة معينة ولا ما قد يطرأ على حياة الأفراد من ظروف تقلب حياتهم فجأة رأساً على عقب, ولا نتوقع من المسؤول مثلا مهما كبر مركزه وقويت سلطته لا نتوقع منه أن يكون مطلعاً على كل شيء أو أن يعرف كل شيء لأن هذا فوق طاقة القدرة البشرية, ولهذا فإن إيصال هموم الناس ومشاكلهم الى من بيده التخفيف من آلامهم هو من الأعمال المطلوبة والتي يؤجر فاعلها كما يؤجر الذي يحل للناس مشاكلهم ويساعدهم على التعامل مع ظروف حياتهم, ولمثل هذا نسمع في نهايات خطب الجمع من أئمة المساجد الفضلاء بعد أن يدعون بالتوفيق والسداد للحاكم أن يرزقه الله بالبطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه, ولا أتمنى أكثر من أن يقرأ مقالتي هذه بعض ذوي السلطة والنفوذ الذين أودع الله في أعماق قلوبهم الرحمة وحب الخير والإسراع الى مساعدة المحتاجين أتمنى أن يقرأ هؤلاء مقالتي هذه حتى إذا أتيتهم متوسطاً في حاجة لمحتاج وجدت لديهم القبول والترحاب, وعندها سوف أدعو لهم أنا ومن توسطت لهم بالخير والسعادة في الدنيا وجنات النعيم في الآخرة.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى